لعل أول معرفة لي باسم الشيخ أحمد القطان رحمه الله، كانت على ما أذكر، في ربيع 1977 عندما تمت استضافة كاتب هذه السطور مع عدد من الفلسطينيين لحضور الحفل الختامي لمخيم كشفي كبير للإخوة الكويتيين. وكان حفلاً إسلامياً مبهراً؛ غير أن أجمل ما فيه كان نشيدة جديدة تلقى لأول مرة مطلعها:
بالدين يسمو المرءُ للعلياءِ
وينالُ ما يرجو مِنَ النعماءِ
الدينُ نورٌ والضلالةُ ظلمةٌ
شتانَ بين النور والظلماء
اهتزت كل ذرة في كيان الفتى “محسن” وهو يسمع هذه النشيدة ويرددها، قبل أن يُصدر الإخوة الكويتيون شريط أناشيدهم الأول الذي تضمّن هذه النشيدة؛ والتي عَرف لاحقاً أن الشيخ أحمد القطان رحمه الله كان مؤلفها وملحنها ومنشدها في ذلك الحفل.
***
برز نجم الشيخ القطان خطيباً مفوهاً في مساجد الكويت، يحمل قضايا الإسلام والأمة، وعلى رأسها قضية فلسطين؛ وأصبح منبره في مسجد العلبان بمنطقة كيفان، مهوى للقلوب، وللنفوس المتطلعة لسماع كلمات الحق والقوة والحرية، ومواجهة الظلم والفساد. غير أن شيخنا القطان تميز منذ ثمانينيات القرن العشرين بأنه فارس الدفاع عن الأقصى والقدس وفلسطين، وسمّى منبره “منبر الدفاع عن المسجد الأقصى”؛ وكانت أشرطة خطبه يعاد توزيعها في فلسطين والأردن وغيرها. وكان له دوره الكبير في تحريض الأمة وتعبئتها، وفي دعم الانتفاضة المباركة التي انطلقت في فلسطين في أواخر 1987.
وكان كاتب هذه السطور وكثير من للشباب ممن يحرص عادة على سماع خطبه. ولأن معظمنا لم يكن لديه وسيلة مواصلات، فقد كنا نُنسّق مع من يملك سيارة ليأخذنا عنده.
كان الشيخ القطان رحمه الله أُمةً تجسدت في أنسان، وكان من أفضل وأبلغ من عبّر عن إسلامية قضية فلسطين وعن روح الأمة تجاهها، ومن ابرز من حمل قضيتها الى الكويت والبلاد العربية والعالم الاسلامي، وظلّ حاملاً لراية الأقصى والقدس حتى وفاته.
رحم الله الشيخ القطان رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وانا على فراقك يا شيخنا الفاضل لمحزونون،
وتعازينا لعائلته الكريمة، ولأهل الكويت وفلسطين والأمة، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
محسن محمد صالح